أخبار العالم

جائزة نوبل للسلام 2025: بين السياسة والعمل الإنساني المباشر

بقلم: المهندس غسان جابر.

مع الإعلان عن قائمة المرشحين لجائزة نوبل للسلام 2025، تتباين التوقعات حول من يستحق الجائزة هذا العام. يشمل الترشيح شخصيات دولية مثيرة للجدل، إلى جانب ناشطين عرب يعملون على الأرض في مناطق نزاع، ما يجعل المقارنة بين المرشحين مثارًا للنقاش حول معنى السلام نفسه.

على الصعيد الدولي، يأتي اسم دونالد ترامب ضمن المرشحين. يُشير مؤيدوه إلى دوره في صفقات السلام الإقليمية واتفاقات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، معتبرين أن هذه الإنجازات تمثل خطوة نحو استقرار الشرق الأوسط. غير أن كثيرين يعتقدون أن هذه الجهود ترتكز على التسويات السياسية والرمزية أكثر من بناء السلام الدائم، وأن تأثيرها على حياة المدنيين محدود مقارنةً بالتحديات اليومية التي تواجهها الشعوب في مناطق النزاع.

في المقابل، يبرز المرشحان الفلسطينيان مازن قمصية وعيسى عمرو، اللذان يمثلان العمل الحقوقي والإنساني المباشر وسط النزاعات.

مازن قمصية، الأكاديمي والناشط السياسي، يركز على تعزيز الحوار وتقليص التوتر في المجتمع الفلسطيني، ويسعى من خلال مبادرات مدنية وسياسية إلى تثبيت الحقوق وإرساء قواعد العيش المشترك رغم الاحتلال.

عيسى عمرو يبرز كفاعل إنساني يسعى لتخفيف المعاناة اليومية للمدنيين، من خلال الدعم الطبي والإغاثي وتعزيز التعايش بين المجتمعات المتأثرة بالنزاع. يوضح عمله أن السلام لا يقتصر على الاتفاقات الرسمية، بل يتحقق أيضًا عبر رعاية الإنسان وحمايته في الظروف الصعبة.

المقارنة بين هؤلاء المرشحين تكشف تنوع الأدوات والسياقات التي يعملون ضمنها. بينما يركز ترامب على السلام السياسي الدبلوماسي على مستوى الدولة، ينشط قمصية وعمرو في السلام الاجتماعي والإنساني على مستوى الإنسان الفردي والمجتمع المحلي. وهنا يكمن الفرق الجوهري: الأول يصنع السلام على الورق والتسوية السياسية، أما الثانيان فيزرعانه في أرض الواقع، حيث يكون له أثر ملموس ومباشر على حياة الناس.

تطرح هذه المعايير سؤالًا جوهريًا للجنة نوبل: هل تُمنح الجائزة لمن يساهم في السلام من خلال النفوذ السياسي والسيطرة على الاتفاقيات الدولية، أم لمن يحافظ على الإنسانية والحقوق اليومية وسط الصراعات المعقدة؟

في النهاية، تظل جائزة نوبل للسلام مقياسًا للفعل الذي يترك أثرًا حقيقيًا في حياة البشر، سواء عبر السياسات الكبرى أو المبادرات الإنسانية المباشرة. وفي السياق الفلسطيني، يظهر أن العمل اليومي الذي يقوم به مازن قمصية وعيسى عمرو يترجم معنى السلام إلى حياة حقيقية للمجتمع المتضرر من النزاع، ما يجعل من صوتهم ورسالتهم من أبرز ما يمكن للجائزة أن تكرمه هذا العام: أن السلام ليس شعارًا يُكتب على الطاولات، بل حياة تُبنى خطوة بخطوة، وجسور تُمد بين الناس أكثر من أي اتفاقية رسمية.

م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية – نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى