مقالات منوعة

22 عاماً على رحيل القائد الوطني ومؤسس أذربيجان الحديثة حيدر علييف

.

الدكتور محمد سعيد طوغلي
رئيس اتحاد الاعلاميين العرب
رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين اصدقاء وحلفاء الصين.


في الثاني عشر من ديسمبر، تحل الذكرى الثانية والعشرون لرحيل القائد الوطني لجمهورية أذربيجان، حيدر علي رضا أوغلو علييف (Heydər Əlirza oğlu Əliyev). يمثل هذا التاريخ محطة مهمة في الذاكرة الوطنية الأذربيجانية، حيث يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره مؤسس الدولة الأذربيجانية الحديثة ومهندس استقلالها وباني أسسها التنموية.
لم يكن حيدر علييف مجرد قائد سياسي، بل كان شخصية محورية ربطت مصيرها بمسيرة الأمة الأذربيجانية في أحلك الظروف.
تبرز فترة قيادته في مرحلتين تاريخيتين مختلفتين:
الفترة السوفيتية (1969-1982): شغل منصب السكرتير الأول للحزب الشيوعي في جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفيتية. خلال هذه الفترة، قام بتطوير البنية التحتية، وتعزيز الاقتصاد، ورفع مكانة الكوادر الأذربيجانية على مستوى الاتحاد السوفيتي، وغرس الشعور بالهوية الوطنية.
عاد إلى السلطة في لحظة فارقة عام 1993، كانت أذربيجان فيها على حافة الانهيار، تعاني من الفوضى السياسية، والعدوان العسكري، والأزمة الاقتصادية ، تُعرف هذه العودة بـ “الخلاص الوطني”، حيث تمكن علييف من:
تثبيت الاستقرار السياسي و قمع المحاولات الانقلابية وأعاد الأمن والنظام إلى البلاد.
بناء الجيش الوطني ووضع الأسس لجيش قوي قادر على الدفاع عن سيادة الدولة.
تحديد استراتيجية الطاقة وتوقيع “عقد القرن” في سبتمبر 1994، الذي فتح آفاق استغلال موارد الطاقة الهائلة لأذربيجان وجذب الاستثمارات الأجنبية، مما وضع البلاد على خريطة الطاقة العالمية.
إن “عقد القرن” والتنمية المستدامة
والتوجه نحو الغرب وتوقيع اتفاقيات النفط الكبرى التي سمحت بإنشاء خطوط أنابيب حيوية (مثل خط باكو-تبليسي-جيهان) يعتبر حجر الزاوية في فلسفة علييف الاقتصادية. وقد حولت عائدات النفط والغاز أذربيجان من دولة ناشئة هشة إلى قوة إقليمية تسير بثبات نحو التنمية. هذه الاستراتيجية لم تكن اقتصادية فحسب، بل كانت ضمانة للسيادة عبر ربط مصالح القوى العالمية باستقرار أذربيجان.
القائد.. والتحديات الوطنية
واجه حيدر علييف التحدي الأكبر والمتمثل في النزاع حول إقليم قره باغ. ورغم عدم تمكنه من استعادة الأراضي المحتلة خلال فترة حكمه، فإنه كرس كل جهده لـبناء دولة قوية اقتصادياً وعسكرياً تكون قادرة على استعادة سيادتها في المستقبل، وهذا ما تحقق لاحقاً على يد خلفه.
إن بقاء الدولة الأذربيجانية المستقلة وسلامة أراضيها يعتمدان على وحدتنا وقوتنا.”
حيدر علييف .
استمرار المسيرة
في هذا التوقيت من كل عام ، تُحيي أذربيجان ذكرى رحيل قائدها بالاعتراف والتقدير لدوره الحاسم. وتُعرف الفترة التي قضاها في السلطة بـ “مدرسة حيدر علييف للحكم”، التي ترتكز على مبادئ الوطنية، والحداثة، والبراغماتية السياسية.
اليوم، يواصل الرئيس إلهام علييف، الابن والوريث السياسي، المسيرة، مستكملًا استراتيجية البناء والتطوير، وحقق النصر في قره باغ، الذي كان هدفاً وطنيًا أساسياً وضعه القائد الراحل نصب عينيه.
إن الذكرى الثانية والعشرين لرحيل حيدر علييف ليست مجرد ذكرى حزينة، بل هي مناسبة للتأكيد على قوة الإرادة الوطنية التي شكلها. لقد ترك إرثاّ يتجاوز السياسة والاقتصاد، إرثا من العزيمة التي حولت الحلم بالاستقلال إلى حقيقة صلبة ودولة فاعلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى