كفالة أيتام غزة… مبادرة ترمم الإنسانية وتعيد بناء المستقبل

بقلم : المهندس غسان جابر
في لحظةٍ تتجاوز الألم وتتطلع إلى الغد، تطلق منصة «صوت القضية» مبادرة شاملة لدعم وكفالة أيتام غزة؛ مبادرة تنبع من فهمٍ عميق بأن إعادة إعمار المدن تبدأ من الإنسان، وأن المجتمع لا ينهض بالخرسانة وحدها، بل بالرحمة، والرعاية، والمسؤولية المشتركة.
غزة، التي استنزفتها الحروب وخلفت وراءها آلاف الأطفال بلا سند، تحتاج إلى رؤية واعية لا تختزل المأساة في صور أو مشاهد عاطفية عابرة، بل تنظر إليها باعتبارها معركة لإعادة بناء جيل كامل. ومن هنا، تطرح المنصة مفهومًا مختلفًا للكفالة:
كفالة تُرمم النفس قبل الجسد، وتفتح بابًا للتعليم، والرعاية الصحية، والدعم النفسي، وفرص الحياة الكريمة.
لماذا هذه المبادرة؟ ولماذا الآن؟
لأن الأيتام في غزة ليسوا أرقامًا في سجلات الإغاثة، بل طاقات معطلة تحتاج من يساندها لتقف.
ولأن تركهم وحيدين يعني خسارة مستقبلٍ كامل، وإطالة أمد الضعف الاجتماعي، وربما تكريس دائرة الألم إلى أجيال أخرى.
إن كفالة اليتيم اليوم ليست عملًا عابرًا، بل استثمارًا إنسانيًا يعيد بناء ما هدمته الحرب، ويحمي هوية المجتمع، ويمنح الطفل القدرة على أن يعيش طفولته دون أن يُحمل أوزار الصراع.
«صوت القضية»… منبرٌ للمسؤولية لا للشفقة
المنصة تؤمن بأن مخاطبة القارئ يجب أن تكون بمنطقٍ يحترم عقله، وبلغةٍ تُوقظ ضميره دون مبالغة أو استدرار للعواطف. لذلك، تأتي هذه المبادرة بصيغة عملية واضحة، تقوم على:
توفير برامج كفالة تُضمن حق الطفل في التعليم والمتابعة اليومية.
دعم أسر الشهداء التي ترعى أكثر من يتيم، وتوفير موارد مستمرة لها.
إنشاء صندوق مخصص للإعمار الإنساني يركز على الاحتياجات الأساسية للأيتام.
ربط اليتيم بمستقبل أفضل عبر التدريب، والتمكين، والرعاية طويلة المدى.
هذه ليست هبة مؤقتة، بل خطوة استراتيجية تعيد توجيه البوصلة نحو إعادة بناء الإنسان.
مسؤولية عربية ودولية مشتركة
اليتيم الفلسطيني ليس مسؤولية عائلته وحدها، ولا مدينته وحدها، بل هو مسؤولية إنسانية تتشارك فيها الدول، المؤسسات، والأفراد. إن لم نتعامل مع هذه الفئة بعمقٍ واحترام، فإننا نخسر فرصة لخلق مجتمع قوي يمتلك أدوات الحياة.
إن دعم أيتام غزة هو تأكيد بأن العالم لم يفقد بوصلته الأخلاقية، وأن الإنسانية لا تزال قادرة على أن تتغلب على التجاهل والصمت.
نداء هادئ… لكنه عميق
لا نطلب تبرعًا عاجلًا بدافع عاطفة لحظية، بل ندعو إلى التزام طويل الأمد يعيد للأطفال إحساسهم بالأمان، وحقهم في التعليم، وكرامتهم الإنسانية.
إن كفالة اليتيم ليست إحسانًا، بل شراكة في صناعة مستقبل جديد لغزة.
إنها رسالة تُثبت أن إعادة الإعمار ليست مجرد حجارة تُرفع، بل حياة تُستعاد.
نقول: من خلال منصة «صوت القضية»، نفتح بابًا لكل إنسان يريد أن يكون جزءًا من إعادة بناء جيل كامل، ولكل مؤسسة تبحث عن دور مؤثر، ولكل ضمير يرى أن الكرامة الإنسانية ليست خيارًا، بل واجبًا.
غزة تستطيع أن تنهض…
لكن أطفالها يحتاجون من يساعدهم على أخذ الخطوة الأولى.
م. غسان جابر – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية.



