
ضمان صوت المجتمع المدني في بناء العدالة والسلام
بقلم الدكتور محمد العبادي
يُعدّ المجتمع المدني شريكاً أساسياً وفاعلاً لا غنى عنه في عملية بناء العدالة والسلام المستدامين، لا سيما في سياقات النزاع أو المراحل الانتقالية. يكمن دوره الحيوي في ضمان أن تكون هذه العمليات شاملة، ومساءلة، ومستجيبة لاحتياجات وتجارب جميع فئات المجتمع، وخاصة الضحايا والفئات المهمشة.
إن ايصال أصوات الضحايا والفئات المهمشة
أحد الأدوار الجوهرية للمجتمع المدني هو اظهار أصوات الضحايا ومن تعرضوا لانتهاكات حقوق الإنسان.
يعمل المجتمع المدني كجسر بين الضحايا والدولة أو الآليات الدولية، من خلال:
• التوثيق وجمع الأدلة: يساهم في جمع وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، وهو أمر حاسم في تحقيق المساءلة والعدالة المستقبلية.
• المناصرة والتقاضي: يقدم الدعم القانوني والنفسي للضحايا، ويسعى إلى إرشادهم خلال المتطلبات الفنية لرفع الدعاوى، كما يقوم بالمناصرة على المستويات الوطنية والدولية.
• ضمان الشمولية: يعمل على ضمان تمثيل ومشاركة الفئات المهمشة (كالنساء، الشباب، الأقليات) في مسارات العدالة والانتقال، لضمان عدم تكرار الإقصاء والتمييز.
الرقابة والمساءلة وتعزيز الحوكمة
يلعب المجتمع المدني دور الرديف الحقيقي للسلطة من خلال ممارسة الرقابة والتقييم، مما يساهم في تعزيز الحوكمة الرشيدة والمؤسسات القوية التي تُعد أساساً للسلام والعدالة:
• الرقابة والتقييم: يراقب عمل المؤسسات، بما في ذلك قطاع الأمن، ويطالب بالمساءلة والشفافية.
• مكافحة الفساد: يساهم في الحد من الفساد والرشوة من خلال دعوته لإقامة مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة.
• الإصلاح المؤسسي: يدعم جهود إصلاح قطاع الأمن والمؤسسات الديمقراطية لضمان عدم تكرار العنف أو القمع، معتمدًا على مقاربة ترتكز إلى مبادئ حقوق الإنسان،
و المساهمة في بناء السلام والمصالحة
بالإضافة إلى جهود العدالة، يساهم المجتمع المدني بشكل مباشر في بناء السلام الدائم والمصالحة المجتمعية من خلال:
• المصالحة والتفاهم: يعمل على تعزيز المصالحة والتفاهم بين الأطراف المتنازعة والمجتمعات الممزقة.
• ربط المجتمعات: ينجح في ربط المجتمعات مع بعضها البعض، وتمكينها وتحويلها نحو مستقبل أفضل.
• تلبية احتياجات الضحايا: يشارك في تصميم وتنفيذ تدابير الجبر والتعويضات، لضمان تلبية احتياجات الضحايا ومعالجة الأسباب الجذرية للانتهاكات.
خلاصة القول، إن ضمان صوت المجتمع المدني هو شرط ضروري لتحقيق عدالة انتقالية شاملة وفعالة، وبناء سلام لا ينظر إلى الماضي فحسب، بل يعمل أيضاً على تحقيق تحول مجتمعي جذري ومستدام.
يلعب دور المجتمع المدني في تشكيل مسارات العدالة الانتقالية وحفظ الذاكرة.
إن أهمية دور المجتمع المدني في سياق العدالة الانتقالية وحفظ ذاكرة المستضعفين ، وهو موضوع وثيق الصلة بضمان صوتهم في بناء العدالة.
