مقالات منوعة

*فادي السمردلي يكتب: رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا فرصة لإعادة تشكيل العلاقات الإقليمية والاقتصادية في الشرق الأوسط

بقلم فادي زواد السمردلي

في خطوة غير مسبوقة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 13 مايو 2025 عن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في قرار يعتَبر نقطة تحول هامة في السياسة الإقليمية والدولية فهذا القرار يحمل معه تأثيرات بالغة على المشهد الاقتصادي والسياسي في المنطقة، حيث يعكس تحولًا في استراتيجية الولايات المتحدة التي كانت قد تبنت نهجًا قائمًا على العزلة في التعامل مع سوريا فرفع العقوبات يفتح الطريق أمام العديد من التطورات الإيجابية، لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات حول التأثيرات المستقبلية لهذا القرار على الدول المعنية.

من جانب آخر، يترقب السوريون هذه الخطوة بفارغ الصبر، حيث يمثل رفع العقوبات بداية مرحلة جديدة من إعادة الإعمار والانفتاح الاقتصادي فمع رفع القيود، سيُستأنف النشاط الاقتصادي في القطاعين العام والخاص في سوريا، مما يتيح المجال لاستئناف التعاملات التجارية الداخلية والخارجية كما ستفتح أبواب الاستثمار أمام الشركات الأجنبية والعربية، مما يعزز الفرص الاقتصادية ويعيد تنشيط الحركة التجارية في المنطقة وفي المقابل، تقدر سوريا احتياجاتها لإعادة تأهيل بنيتها التحتية بما يتجاوز 300 مليار دولار، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة لتطوير قطاعات مثل الطاقة، النقل، والإسكان ومن المحتمل أن ينعكس هذا التحول إيجابًا على حياة المواطنين السوريين، حيث ستتاح لهم فرص عمل جديدة ويحسنون من مستوى معيشتهم.

تتجلى الفرص الاقتصادية المترتبة على رفع العقوبات بشكل خاص في العلاقات التجارية واللوجستية بين الأردن وسوريا فمع استئناف العمل بالمعابر الحدودية بين البلدين، ستعود التجارة البرية إلى نشاطها، مما سيؤدي إلى زيادة التبادل التجاري في مجالات متعددة وهذا الانفتاح الاقتصادي سيعزز اقتصادات البلدين، خاصة في مجالات التصدير والنقل اللوجستي. كما أن الشركات الأردنية قد تجد فرصًا واعدة في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، وهو ما يفتح المجال أمام استثمار الموارد البشرية والتكنولوجية الأردنية في إعادة بناء البلاد ومن جهة أخرى، قد يؤدي تحسن الأوضاع الاقتصادية في سوريا إلى دفع بعض اللاجئين السوريين للعودة إلى وطنهم للمساهمة في بناء اقتصاد بلدها.

على الرغم من هذه الفرص، تبقى هناك العديد من التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه البلدين. من أبرز هذه التحديات ضرورة تعزيز التنسيق الأمني بين الأردن وسوريا، خصوصًا في ظل المخاوف المستمرة من التهريب عبر الحدود كما أن الأردن وسوريا بحاجة إلى مراقبة دقيقة للحدود لضمان عدم تكرار الأعمال غير المشروعة، مما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد المحلي فالتنسيق بين الأجهزة الأمنية يعد أمرًا بالغ الأهمية لمواكبة التغيرات الأمنية الناتجة عن هذه التطورات.

لا شك أن رفع العقوبات يغير مجرى السياسة الإقليمية، حيث سيكون له تأثيرات كبيرة على التحالفات الإقليمية. في هذا السياق، من المتوقع أن تشهد المنطقة تغييرات ملحوظة في استراتيجيات الدول، لا سيما في العلاقة بين الولايات المتحدة والدول الأخرى مثل لبنان والعراق وتركيا وإيران. هذا التحول قد يساهم في إعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة، حيث ستبحث هذه الدول عن أفضل الطرق لتحقيق مصالحها في ظل الوضع الجديد الذي أفرزه رفع العقوبات.

في الختام، يمثل قرار رفع العقوبات مرحلة جديدة في العلاقات الإقليمية، حيث تُتاح أمام سوريا فرصة لإثبات قدرتها على النهوض الاقتصادي والسياسي كما أنسوريا تقف الآن على عتبة فرصة كبيرة لاستعادة موقعها الاقتصادي المحوري في المنطقة فهذه المرحلة قد تكون بداية لتعاون إقليمي مرن، يراعي المصالح الاقتصادية المستدامة بعيدًا عن الحسابات قصيرة الأجل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى