إنجازات تاريخية للجاليات الإسلامية واليمنية في السياسة الأمريكية

بقلم / نجيب الكمالي
رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين، أصدقاء وحلفاء الصين، ورئيس اللجنة التحضيرية لمنبر “صحفيون من أجل فلسطين”
تشهد السياسة الأمريكية في السنوات الأخيرة تحولات مهمة، تعكس صعود الجاليات العربية واليمنية والإسلامية في المشهد السياسي المحلي، وتثبت أن القيادة لا تُقاس بالانتماءات التقليدية، بل بالقيم والمبادئ، والمصداقية في خدمة المجتمع. هذه التحولات تمثل مرحلة جديدة في مشاركة الجاليات العربية والإسلامية، وتؤكد قدرتها على التأثير في السياسات المحلية والفيدرالية، وفتح المجال أمام مواقف أكثر توازنًا تجاه القضايا العربية العادلة، ولا سيما القضية الفلسطينية.
فاز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك، ليصبح أول مسلم وأصغر رئيس بلدية منذ أكثر من مئة عام. جاء فوزه نتيجة حملة ركزت على المساواة وحقوق الأقليات والقضايا الاجتماعية ودعم القضية الفلسطينية، ما جعله صوتًا صادقًا للشباب والأقليات ونموذجًا للقيادة المبنية على الشجاعة الأخلاقية والمصداقية. هذا الإنجاز التاريخي يعكس تحولًا نوعيًا في القيم التي يُقاس بها النجاح السياسي في الولايات المتحدة، من الانتماءات التقليدية إلى الالتزام بالقيم الإنسانية والاجتماعية.
وفي نيويورك أيضًا، فازت اليمنية أميرة مفلحي بعضوية المجلس المحلي لمدينة “لاكاوانا”، لتبرز قوة التمثيل العربي واليمني في السياسة المحلية ودور النساء والشباب في صناعة القرار. هذا الفوز يؤكد أن المبادرة الفردية والقيم المدنية والاجتماعية يمكن أن تُحدث تأثيرًا ملموسًا على السياسات المحلية، ويفتح الباب أمام تولي المزيد من القيادات الشابة والنسائية من الجاليات العربية مناصب مؤثرة، ما يعزز حضورهم في مراكز القرار.
وفي ولاية ميشيغان، واصل اليمنيون والعرب تعزيز حضورهم السياسي بفوز اليمني الأمريكي آدم الحربي بمنصب عمدة مدينة هامترامك خلفًا للعمدة السابق أمير غالب، مع التركيز على تطوير المدينة، تحسين الخدمات، ودعم الشباب والمشروعات الصغيرة. يمثل هذا الفوز استمرارية واضحة لقوة التأثير العربي واليمني على المستوى المحلي، ويعكس قدرة الجاليات على العمل بروح التعاون لخدمة جميع السكان، دون تمييز أو استثناء، ما يعزز صورة العرب والمسلمين كجزء فعال ومؤثر في المجتمع الأمريكي.
هذه الإنجازات ليست مجرد انتصارات فردية، بل تُشكل رسالة واضحة للأجيال الصاعدة بأن القيادة والشجاعة والمواقف الأخلاقية يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًا. كما تعكس قدرة التمثيل العربي واليمني والإسلامي على ترك بصمة واضحة في السياسة الأمريكية، سواء على المستوى المحلي أو الوطني، مؤكدين أن الالتزام بالقيم الإنسانية والاجتماعية أصبح عاملًا رئيسيًا في صنع القرار السياسي.
وفي سياق أوسع، يمكن لهذه التحولات أن يكون لها أثر غير مباشر على مواقف الولايات المتحدة تجاه إسرائيل والقضية الفلسطينية. فتعزيز التمثيل العربي والإسلامي في المناصب السياسية المحلية يزيد من القدرة على التأثير في الرأي العام والسياسات المحلية، ويضع ضغوطًا على صانعي القرار للالتفات إلى الحقوق الفلسطينية ومصالح الجاليات العربية. على الرغم من أن الهيمنة الصهيونية لن تُلغى بين ليلة وضحاها، إلا أن هذه الإنجازات تُمثل بداية لتوازن جديد، يتيح للمجتمعات العربية والإسلامية فرض صوتها ومواقفها في النقاش الأمريكي، ويفتح المجال لإعادة النظر في بعض السياسات التقليدية، بما يخدم العدالة والمصالح العربية، ويعزز القدرة على الدفاع عن القضية الفلسطينية على المستويات المحلية والوطنية وحتى الدولية.
إن صعود هذه القيادات التاريخية يُظهر أيضًا أن المستقبل السياسي الأمريكي سيشهد دورًا متناميًا للجاليات العربية واليمنية والإسلامية، ليس فقط في تأمين مصالح مجتمعاتها، بل في التأثير على سياسات الولايات المتحدة تجاه القضايا العربية والإقليمية. وهذا يضع المجتمع الدولي أمام واقع جديد: أن المجتمعات العربية في الخارج ليست متفرجة على الأحداث، بل فاعلة ومؤثرة، ويمكن أن تسهم في إعادة رسم السياسات وتحقيق العدالة للقضايا العادلة.




