التعاون الرياضي نموذج يبرز ميزة النظام الصيني ووحدة قوانغدونغ وهونغ كونغ وماكاو نحو الانفتاح والفوز المشترك

بقلم تشيان شي إعلامية صينية
تقام دورة الألعاب الوطنية الخامسة عشرة في الصين في مدن قوانغتشو وشنتشن وهونغ كونغ وماكاو بشكل مشترك، لتكون المرة الأولى التي تستضيف فيها مناطق داخلية ومنطقتان إداريتان خاصتان صينية هذا الحدث الرياضي الشامل. وتُعد هذه الدورة نافذة مهمة لفهم تجربة الصين في التنمية الإقليمية المتوازنة والابتكار المؤسسي.
“دولة واحدة ونظامان”: حكمة صينية تجمع بين الوحدة والتنوع
ينظر إلى مبدأ “دولة واحدة ونظامان” على أنه من أبرز سمات الحوكمة الصينية. فجوهره يقوم على السماح لهونغ كونغ وماكاو بالحفاظ على أنظمتهما الاجتماعية والقانونية وأنماط الحياة الخاصة بهما، في إطار السيادة الوطنية الواحدة.
هذا الترتيب يضمن وحدة البلاد مع احترام خصوصية المناطق وتنوعها، ويعد نموذجاً مبتكراً طورته الصين لمعالجة القضايا التاريخية وتحقيق التحديث السلمي.
جدير بالذكر، تجد هذه الفكرة صداها في الفلسفة العربية التي ترى أن “التنوع لا يتناقض مع الوحدة”، وأن الانسجام الحقيقي يقوم على احترام التعدد في إطار من التعاون المشترك.
منطقة الخليج الكبرى: محرك الابتكار في الصين المنفتحة
تقع منطقة الخليج الكبرى (قوانغدونغ – هونغ كونغ – ماكاو) في جنوب الصين، وتضم أكثر من 80 مليون نسمة، وتعد من أكثر المناطق ديناميكية وابتكاراً في العالم، حتى وُصفت بـ”وادي السيليكون الصيني”.
ولا تقتصر أهميتها على الاقتصاد فحسب، بل تمثل مختبراً للابتكار المؤسسي والتكامل التكنولوجي والتبادل الثقافي، حيث تمتزج القوة الصناعية في مدن البرّ الرئيسي مع الخبرات الإدارية والانفتاح الدولي في هونغ كونغ وماكاو، ما يعزز القدرة التنافسية العالمية للمنطقة.
وهذا النموذج من التعاون الإقليمي ليس غريباً على العالم العربي، إذ نجد صدى له في مشاريع مثل منطقة دبي الاقتصادية أو مدينة “نيوم” في المملكة العربية السعودية، التي تسعى جميعها إلى بناء مستقبل قائم على الابتكار والتكامل الاقتصادي، مما يجعل قصة الخليج الكبرى ذات طابع عالمي مشترك.
التعاون الرياضي: تجسيد حي لميزة النظام
أظهر التحضير لدورة الألعاب الوطنية الصينية روح التعاون والتكامل في منطقة الخليج الكبرى بوضوح.
قدّمت قوانغتشو وشنتشن البنية التحتية المتقدمة والدعم التكنولوجي، بينما ساهمت هونغ كونغ وماكاو بخبراتهما في الإدارة الدولية والمعايير الخدمية. وتم تحقيق التكامل في مجالات النقل والرعاية الطبية والخدمات التطوعية، مما جعل المنطقة الأربع تعمل كوحدة مترابطة ومتكاملة.
وهكذا أصبح الرياضة تجسيداً حياً لميزة النظام الصيني: إذ استطاعت مدن ذات أنظمة اجتماعية مختلفة أن تتعاون بكفاءة عالية ضمن إطار “دولة واحدة”، وهو ما يعكس حيوية مبدأ “دولة واحدة ونظامان”.
التعاون الصيني-العربي: نحو انفتاح وتواصل شبابي أعمق
على مدى سنوات، سارت الصين والدول العربية معاً على طريق التعاون القائم على الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة. فمن مبادرة “الحزام والطريق” إلى التعاون في مجالات الطاقة الجديدة والذكاء الاصطناعي والثقافة والرياضة، يسعى الجانبان لتحقيق التنمية المشتركة من خلال الانفتاح والتكامل.
وتحمل الرياضة في العالم العربي بدورها بُعداً ثقافياً وروحياً يوحّد الشعوب ويحفّز الشباب. ومن خلال مثل هذه الفعاليات الرياضية، تسعى الصين إلى عرض صورة دولة حديثة منفتحة وواثقة وحيوية أمام العالم، بما في ذلك العالم العربي، كما تتطلع إلى أن يزور المزيد من الشباب العرب منطقة خليج قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى ليكتشفوا بأنفسهم حيوية التحديث الصيني وفرصه الواعدة.
خاتمة
من دورة الألعاب الوطنية الصينية إلى منطقة خليج قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى، ومن الابتكار المؤسسي إلى التكامل الإقليمي، تواصل الصين كتابة فصل جديد من فصول التحديث بأسلوبها الخاص.
وهذا الفصل لا يخص الصين وحدها، بل يعكس روح التعاون العالمي. وكما تعمقت الصداقة الصينية-العربية عبر التعاون المستمر، فإن قصة منطقة خليج قوانغدونغ-هونغ كونغ-ماكاو الكبرى تجسّد إيماناً مشتركاً: أن الانفتاح والتسامح هما الطريق إلى تحقيق التنمية المشتركة والفوز للجميع.



